الرضاعة
الطبيعية حق لكل مولود.. هذا هو الشعار الذى يطلقه كل الأطباء، ولكن للأسف
لا يستطيع الطفل أن يحصل على هذا الحق نتيجة قانون يحتاج إلى تغيير حاسم
وهو السماح للأم بإجازة مدفوعة الأجر لثلاثة أشهر أخرى مع أن كل التجارب
العلمية أثبتت أن الطفل الذى يكمل عامين من رضاعة الأم يكون أكثر ارتباطا
بأسرته وذا نفسية مستقرة.
الدكتور أحمد السعيد يونس استشارى طب الأطفال
يؤكد ذلك ويضيف أن جمعية أصدقاء لبن الأم المصرية متبنية الدعوة لزيادة مدة
الإجازة مدفوعة الأجر للأم إلى ستة أشهر لأن الأم العاملة فى الحكومة
مظلومة لأنها تحصل على ثلاثة أشهر فقط أما العاملة فى القطاع الخاص فهى
مظلومة أكثر حيث تحصل إجازة ما بين 45 يوما إلى شهرين.
كل الخبراء
والصحة العالمية و اليونيسيف وجمعيات طب الأطفال فى جميع أنحاء العالم،
ويؤكدون أن الطفل لا يأكل أى شئ قبل ستة أشهر لذا نحن بحاجة إلى مشروع
قانون يفعل ذلك لإنهاء مأساة تعيشها ملايين الأمهات المرضعات.
ويرى
الدكتور أحمد أن إجازة الأمهات العاملات لثلاثة أشهر أخرى لن تؤثر على سوق
العمل ولكننا سنحصل على أطفال أصحاء بينما لو خرجت الأم للعمل قبل هذه
المدة وتركته مع مربية أو فى حضانة فاننا سنواجه مشكلتين الأولى هى إعطاء
الطفل طعاما خارجيا وهو أكبر ظلم للرضيع حيث أن جهازه الهضمى غير مهيأ
لهضمه فى هذه المرحلة والأسوأ من ذلك هو استخدام اللبن الصناعى لأنه
سيدخلنا فى متاهة تعقيم الزجاجات والحلمات، وإعطائه المعيار المضبوط،
وغالبا ما يعانى هؤلاء الأطفال - خاصة فى فصل الصيف - من نزلات معوية
واسهال متكرر وسوء تغذية ونزلات شعبية وأمراض معدية كل ذلك نحن فى غنى عنه
إذا أرضعت الأم طبيعيا بلبنها المعقم والمجهز بدرجة حرارة مضبوطة ومفصل على
عمر الرضيع والأهم انه من صنع الخالق، أما لبن البقر فهو مخصص للعجول وليس
للإنسان ومسكر عن لبن الأم كما أن الحلمات الصناعية كبيرة. ويؤكد أن الطفل
إذا بدأ يستخدمها فإنه سرعان ما يتعود عليها ويترك ثدى أمه.
المشكلة
الثانية اقتصادية تخص الدولة لأنها تقوم باستيراد ألبان صناعية بمئات
الملايين وبالعملة الصعبة، فالعلبة الواحدة تكلفها نحو 38 جنيها وتباع بنحو
3 جنيهات وفى أحيان كثيرة لا يذهب هذا اللبن المدعم إلى مستحقيه وإنما
يستغله أصحاب محلات الحلويات والأيس كريم حيث يدر مكاسب هائلة لهم بينما لو
سمحت الدولة للأم المرضعة بإجازة أطول ستوفر هذه الملايين بالإضافة إلى
تكاليف تصنيع محلول معالجة الجفاف والأدوية وتقلل أيضا من ازدحام الشوارع
بالآباء وأطفالهم وتحد ساعات العمل المهدرة والإجازات التى تضطر الأم
وأحيانا الأب إلى أخذها عند مرض الطفل ويمكنها حينئذ أن تعطى هذه الأموال
التى وفرتها للأمهات العاملات المرضعات. وتقتصر كمية الألبان المستوردة على
الأمهات اللاتى لديهن مشكلة فى الرضاعة الطبيعية وهى نسبة قليلة.
والمثير
للعجب هو أن الدول الأكثر دفاعا واهتماما بالرضاعة الطبيعية هى الدول التى
تمتلك كبرى الشركات لتصنيع اللبن الصناعى وبها أعداد ضخمة من الجمعيات
التى تساند الرضاعة الطبيعية وذات قوة ونفوذ تستطيع أن تفرضه على حكوماتها،
وتقوم هذه الدول بتصديره للدول التى مازال الوعى فيها ضعيفا وخروج المرأة
للعمل كان متأخرا، وأشهرها هولندا وسويسرا.
الحل فى رأى د. أحمد هو
تعديل القانون حتى ينص على منح الأم المرضعة 6 أشهر مدفوعة الأجر وهو ما
تكافح من أجله الجمعية منذ سنوات والاختيار الآخر المؤقت هو الذى تطبقه بعض
شركات القطاع الخاص وهو السماح للأم بالعمل من المنزل وتكون متصلة بالشركة
وفى نفس الوقت تستطيع إرضاع طفلها.