وادعا ًَ رمضان ..,
فلقد دار الدهر دورته..، ومضت الأيام تلو الأيام..
، وإذا بشهرنا تفيض أنواره.. وتبلى أستاره.. ويأفل نجمه
بعد أن سطع..، ويظلم ليله بعد أن لمع..، ويخيم السكون
على الكون.. بعدما كان الوجود كل الوجود يستعد، ويتأهب
للقاء هذا الضيف الكريم..
أنا لا أدري وأنا أرقم هذه الجمل.. أأهنيكم بحلول عيد الفطر المبارك..
، أم أعزيكم بفراق شهر العتق والغفران..
إن القلب ليحزن، وإن العين لتدمع.. وإنا على فراقك يا رمضان لمحزونون..
لحن الخلود
إن قلبي ليُملي على بناني عبارات الأسى واللوعة
فتكتب البنان بمداد المدامع لحن الخلود، وتأبى الكلمات
أن تستلقي على صفحات دفاتري.. إلا حينما أعظها بواحدة..
حينما أعظها بأن الله قد جعل من سننه في هذه الحياة..
أن للشمل التمامٌ وافتراق...
انقضى رمضان.. ويا وَلهِي عليه.. انقضت أيامه ولياليه..
ذهب.. ليعود على من بقي..، وليودع من كان أجله قد حان..
نعم.. ذهبت يا رمضان.. فجرت المدامع..
نعم.. انقضى رمضان.. ولكن.. ماذا بعده؟!
إن عمل المؤمن لا ينقضي أبداً
انقضى رمضان..، وقد اعتاد كثير من أبنائه الصلاة مع جماعة المسلمين..
فيا من أَلِفَ الحق.. تمسك به هُديت..، واستمر عليه..
نعم.. اجعل رمضان كقاعدة تنطلق منها للمحافظة
على الصلاة في باقي الشهور.. نعم اجعل رمضان منطلقاً
لترك الذنوب والمعاصي.. علّ الله جل وعز أن يغفر لك بما قدمت..،
وإياك ثم إياك أن تكون من عُباد رمضان..
إن من علامات قبول العمل الماوصلة فيه، والاستمرار عليه..
فاحكم أنت على صيامك.. هل هو مقبولٌ أم مردود.. نعم احكم أنت..
إن لحظات الوداع لحظاتٌ لا تُنسى..، ولوعتها لوعة لا تبلى..
حُرقة الوداع تُلهب الأحشاء..، ودموعُه تحرق الوجنات بحرارة العبرات..
فيا من صام لسانه في رمضان عن الغيبة والنميمة والكذب
واصل مسيرتك..، وجدّ في الطلب.. ويا من صامت عينه
في رمضان عن النظر المحرم.. غضّ طرفك ما بقيت..
يورث الله قلبك حلاوة الإيمان ما حييت..
ويا من صامت أذنه في رمضان عن سماع ما يحرم من القول
وما يُستقذر.. من سماع غيبة..، أو نميمة..، أو غناء..
أو لهو.. اتق الله..، ولا تعد..، اتق الله، ولا تعد..
ويا من صام بطنه في رمضان عن الطعام..، وعن أكل الحرام..
اتق الله في صيامك..، ولا تذهب أجرك بذنبك..، وإياك ثم إياك
من أكل الربا.. فإن آكله محارب لله ولرسوله .. فهل تطيق ذلك؟!
ويا من صام بطنه.. تذكر إخواناً لك في رمضان، وغيره
يبيتون على الجوع والعُريّ.. ولا يجد أحدهم ما يسدّ
به جوعته، ولا فاقة عياله.. تذكر أنهم ينتظرون منك
أنت ومن أمثالك من يمدّ لهم يد العون، والمساعدة..
حان الوداع
وأخيراً أخي الصائم.. أختي الصائمة..
إن العيد على الأبواب..، وإن رمضان آذن بوداع..،
وكم هي شاقة هذه الكلمة ( وداع )..، ولكنني أسأل الله الكريم
رب العرش العظيم.. أن يعيده علينا وعلى سائر المسلمين
أياماً عديدة.. وأزمنة مديدة.. وقد تحقق للأمة الإسلامية
ما تصبوا إليه من عز وتمكين، وسؤدد في العالمين..
إن الله وليّ ذلك، والقادر عليه..
اللهم آآآآآآآآآآآآآآمين يارب العالمين
جزاكم الله خير الجزاء