أيها الأخوة الكرام، الله عز وجل ضرب على هؤلاء المفسدين في الأرض، هؤلاء الطغاة قوم عاد، الله عز وجل قال:
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴾[ سورة الفجر]
عاد تفوقت في كل المواطن، تفوقت في شتى المجالات،
﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ﴾تفوقت في شتى المجالات، هناك آية ثانية:
﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ ﴾[ سورة الشعراء]
تفوق عمراني.
﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾[ سورة الشعراء]
تفوق صناعي.
﴿ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾[ سورة الشعراء]
تفوق عسكري، وهناك تفوق علمي.
﴿ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ﴾[ سورة العنكبوت]
تفوق عمراني:
lor=red]]﴿ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آَيَةً تَعْبَثُونَ ﴾[/size]
تفوق صناعي:
﴿ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ﴾تفوق عسكري،
﴿ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ﴾وهناك شيء آخر فيه عجرفة:
lor=red]]﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾[/size]
[سورة فصلت الآية:15]
ومع هذا التفوق في شتى المجالات، في المجال العلمي، والعمراني، والصناعي، والعسكري كان هناك غطرسة، واستعلاء، وكبر،
lor=red]]﴿ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ﴾[/size]
or=orange]بطولة الإنسان أن يتعظ فيما يأتي في القرآن الكريم من قصص[/size]
شيء آخر: هؤلاء القوم قوم عاد ماذا فعلوا؟ قال:
﴿ الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾[سورة الفجر]
وكأن هؤلاء القوم كانوا نموذجاً للأمم الطاغية الباغية التي استعلت، وطغت، وبغت، ونسيت ربها جل جلاله.
فيقول الله عز وجل مذكراً:
[size=24
]﴿ أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾[/size]
لذلك الإنسان أحياناً يغتني فيطغى، والآية الكريمة:
﴿ كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى * أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى ﴾[سورة العلق]
حينما يتوهم الإنسان أنه غني، وأن هذا المال تنحل به كل المشكلات، ونسي الله عز وجل، أنا أقول من هو الغبي؟ الغبي من لم يدخل الله في حساباته، قال بعضهم: عرفت الله من نقض العزائم، فهؤلاء قوم عاد طغوا في البلاد، أكثروا فيها الفساد، تفوقوا بعلمهم، تفوقوا ببنائهم، تفوقوا بصناعتهم، تفوقوا بقوتهم العسكرية، طغوا في البلاد، أكثروا فيها الفساد، فالله عز وجل
﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾فالبطولة أن تتعظ فيما يأتي في القرآن الكريم من قصص.
الدنيا لمن يتقنها ويحسن إدارتها أما الآخرة فخاصة بالمؤمنين :شيء آخر، والنقطة الدقيقة جداً أن الله عز وجل، الدنيا يعطيك بالربوبية كل حاجاتك بصرف النظر عن إيمانك، أي الإنسان، يأكل، ويشرب، ويتزوج، ويسافر، ويتاجر، ويربح، ويستمتع بالحياة، هذا منهج من مناهج الله عز وجل، فالدنيا من ينالها؟ القوي أحياناً، أو الذي أتقنها، لكن الآخرة لعباده المؤمنين، فالدنيا يمكن أن ينالها القوي، بل لحكمة أرادها الله أن الذي أتقن الدنيا ينالها، لذلك إن الله أحياناً ينصر الأمة الكافرة العادلة على الأمة المسلمة الظالمة، هذا كلام دقيق جداً، الدنيا لمن يتقنها، الدنيا لمن يحسن إدارتها، ينالها، أما الآخرة فوعد صادق خاصة بالمؤمنين.
فلذلك قال تعالى:
﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾﴿ أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾بمعنى أن الله سبحانه وتعالى رحمة منه يرسل الرسل والأنبياء ليبينوا لهؤلاء الذين شردوا عن الله عز وجل منهجهم الصحيح، فمن يتعظ له الجنة، ومن يتجاهل هذه الرسالات له عذاب في الدنيا، وعذاب في الآخرة.
لذلك عطاء الربوبية لكل البشر، مؤمنهم وكافرهم، أما عطاء الإلوهية فللمؤمنين وحدهم، أي المؤمن وحده هو الذي ينال الآخرة بأعلى درجاتها.
مثلاً الأهرامات في مصر، حدثني أخ كريم قرأ عنها الكثير، قال: هناك نافذة في الأهرام، زاوية هذه النافذة مدروسة دراسة مذهلة، بحيث أن الشمس تعبر خلال هذه النافذة في العام كله يوم واحد، يوم موت فرعون، لا يوجد الآن إمكانية أن تصمم نافذة بزاوية معينة، بحيث في يوم واحد فقط الشمس تعبرها إلى داخل الهرم، فهؤلاء الذين كانوا قبلنا كانوا أقوياء جداً، ومع ذلك أهلكهم الله عز وجل، لذلك:
﴿ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك عادل :أيها الأخوة الكرام، البطولة لا أن تعيش حاضرك، أن تعيش المستقبل، والمستقبل في مغادرة الدنيا، وكل هذه الآيات التي قرأت في هذا اللقاء الطيب من أجل أن تتجه إلى الآخرة، والآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك عادل، والآخرة فيها أبد، والأبد مهما شرح يصعب أن يوضع في مفهوم بين يدي الناس، الأبد يعني ما لا نهاية، وأكبر رقم على وجه الأرض إذا نسب للانهاية كان صفراً.
أيها الأخوة الكرام، الآيات التي قرئت في هذا اللقاء الطيب
lor=red]]﴿ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلَاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ ﴾[/size]
أي بالحظوظ التي وهبكم الله إياها.
﴿ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا ﴾خضتم في وحل الدنيا
﴿ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ﴾العمل فقد قيمته إن كان للدنيا، وفقد قيمته إن كان سيئاً، الإحباط نوعان إما أن العمل يخسر الثواب الذي وعد الله به، أو أن يكون منحطاً فعلاً.
﴿ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾وكلمة:
﴿ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ﴾هذا نفي الشأن وهو من أشد أنواع النفي في القرآن الكريم، أي مستحيل وألف ألف ألف مستحيل لا يظلمهم، ولا يرضى أن يظلمهم، ولا يمكن أن يظلمهم، فكل أنواع الأفعال التي تنفى بهذه الصيغة أفعال قطعية.
والحمد لله رب العالمين
http://nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=11092