النقيــــر :
أما النقير فقد ورد ذكره في القرآن الكريم في آيتين :
الأولى : قوله تعالى : ﴿ أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً ﴾ (النساء: 53) .
والثانية: قوله تعالى : ﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾ (النساء: 124) .
قال أبو جعفر الطبري في تأويل قوله : ﴿ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾ ، من الآ ية الثانية : « أما قوله : ﴿ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً ﴾ ، فإنه يعني : ولا يظلم الله هؤلاء الذين يعملون الصالحات من ثوابِ عملهم ، مقدارَ النُّقرة التي تكون في ظهر النَّواة في القلة ، فكيف بما هو أعظم من ذلك وأكثر ؟ وإنما يخبر بذلك جل ثناؤه عبادَه أنه لا يبخَسهم من جزاء أعمالهم قليلا ولا كثيرًا ، ولكن يُوفِّيهم ذلك كما وعدهم » . ثم ذكر في معنى ( النقير ) قولين :
أحدهما : النقير هو الذي يكون في ظهر النواة ، وذكر أنه مرويٌّ عن مجاهد .
والثاني : النقير هو الذي يكون في وسط النواة ، وذكر أنه مرويٌّ عن عطية .
واختار الزَّ مخشريُّ القول الأول ، فقال : « النقير : النقرة في ظهر النواة ، وهو مثل في القلة كالفتيل ، والقطمير » . وقال أيضًا : « وفي كلام بعضهم : لا تقولنّ لشيء من سيئاتك حقير ، فلعله عند الله نخلة ، وهو عندك نقير » .
ومن الإتباع قولهم : « هو حقير نقير » .
وأما ابن الجوزي في زاد المسير فذكر في ( النقير ) أربعة أقوال :
أحدها : أنه النقطة التي في ظهر النواة ، رواه ابن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وعطاء بن أبي رباح ، وقتادة ، والضحاك ، والسدي ، وابن زيد ، ومقاتل ، والفرّاء ، وابن قتيبة في آخرين .
والثاني : أنه القشر الذي يكون في وسط النواة ، رواه التيمي ، عن ابن عباس . وروي عن مجاهد : أنه الخيط الذي يكون في وسط النواة .
والثالث : أنه نقر الرجل الشيء بطرف إِبهامه ، رواه أبو العالية ، عن ابن عباس .
والرابع : أنه حبّة النواة التي في وسطها ، رواه ابن أبي نجيح ، عن مجاهد .
وتبعه أبو حيان ، فقال في البحر المحيط : « والنقير : النقطة في ظهر النواة ، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد ، وعطاء ، وقتادة ، والضحاك ، وابن زيد ، والسدي ، ومقاتل ، والفراء ، وابن قتيبة في آخرين . وقيل : القشر يكون في وسط النواة ، رواه التميمي عن ابن عباس . أو الخيط في وسط النواة ، روي عن مجاهد . أو نقر الرجل الشيء بطرف إبهامه ، رواه أبو العالية عن ابن عباس . أو حبة النواة التي في وسطها ، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد » .
القطميـــر :
وأما القطمير فلم يرد ذكره في القرآن الكريم إلا في آية واحدة ؛ وهي قوله تعالى :
﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ﴾ (فاطر: 13) .
وذكر أبو جعفر الطبري في تأويل قوله تعالى : ﴿ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ﴾ أقوالاً أربعة :
الأول : ما يملكون قشر نواة . أو قشر نواة فما فوقها .
والثاني : ما يملكون هو جلد نواة ، وهو الذي يكون على ظهر النواة .
والثالث : ما يملكون لفافة النواة ؛ كسحاة البيضة .
والرابع : ما يملكون القشرة التي على رأس النواة.
وذكر أن الأول والثاني مرويّان عن ابن عباس- رضي الله عنهما- والثالث مرويٌّ عن مجاهد . والرابع مرويٌّ عن قتادة .
وقال النيسابوري في تفسير الآية : « قوله : ﴿ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ ﴾ ؛ وذلك أن المشركين كانوا معترفين بأن الأصنام ليسوا خالقين ؛ وإنما كانوا يقولون : إنه تعالى فوض أمور الأرضيات إلى الكواكب التي هذه الأصنام صورُها وطوالعُها ، فأخبر الله تعالى أنهم لا يملكون قطميرًا ، وهو القشرة الرقيقة للنواة ، فضلاً عما فوقها » .
أما الشوكاني فقال : أي : « لا يقدرون عليه ، ولا على خلقه . والقطمير : القشرة الرّقيقة التي تكون بين التمرة والنواة ، وتصير على النواة ؛ كاللفافة لها » . ثم ذ كر عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه قال : « القطمير : القشر . وفي لفظ : الجلد الذي يكون على ظهر النواة » .
ومثل قول الشوكاني هذا قال السيوطي في الدر المنثور ، ثم قال : « وأخرج الطستيُّ ، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : ﴿ مِن قِطْمِيرٍ ﴾ . قال : الجلدة البيضاء التي على النواة . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ! أما سمعت أمية بن أبي الصلت ، وهو يقول :
لم أنل منهم بسطًا ولا زبدًا .. .. .. ولا فوقة ولا قطميرا
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء ، قال : القطمير الذي بين النواة والتمرة ، القشر الأبيض .. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : ﴿ قِطْمِيرٍ ﴾ ، قال : لفافة النواة ؛ كسحاة البصلة .. وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله : ﴿ مِن قِطْمِيرٍ ﴾ ، قال : رأس التمرة . يعني : القمع » .
ثالثًا- ويتحصل ممَّا تقدَّم :
أن هذه الألفاظ الثلاثة ( الفتيل ، والنقير ، والقطمير ) كلها متقاربة في المعنى ، وبينها فروق دقيقة ، ويستعمل كل واحد منها كناية عن الشيء القليل ، وبها يضرب المثل للشيء التافه الحقير . حكى الرازي عن ابن السكيت أنه قال : « الفتيل ما كان في شق النواة ، والنقير : النقطة التي في ظهر النواة . والقطمير : القشرة الرقيقة على النواة ، وهذه الأشياء كلها تضرب أمثالا للشيء التافه الحقير » . وقال الأزهريُّ : « الفتيل ، والنقير ، والقطمير ، يضرب مثلاً للشيء التافه الحقير » .
فينبغي للعاقل أن يفرغ نفسه للتفكر في طريق الخلاص من الهلكة ، فيتحرى سبل النجاة من أفعال الخير، والتوبة والندم على الذنوب ، والعزم على ترك العود إليها، والصبر على بلاء الله ، والرضا بقضاء الله ، والتسليم لأمره ، والشكر لنعمائه ، والخوف والرجاء له ، والزهد في الدنيا، والإخلاص في العمل ، والصدق في القول ، والجد في الطاعات ، ويفكر كل يوم في قلبه ، فينظر إلى الذي يقرّبه من هذه الصفات الجميلة فيتحلى به ، وإلى ما يباعد صفتها فيتجافى عنه ، ورأس ذلك التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والتزود لسكنى القبور ، والتأهب ليوم النشور .
ثم لينظر في آيات الوعد والوعيد ، والتشديد الذي ورد والترغيب ، فيتحقق عند نفسه ذلك ، فيزداد خوفاً من الله ورغبة إليه ، وإذا أراد أن يتبين له حال الشكر فلينظر في إحسان الله إليه ، وإذا أراد أن يشتد خوفه فلينظر في ذنوبه ويتذكّرها ، ثم ينظر في الموت وكربته ، والقبر ووحشته ، واللحد وضغطته ، ومساءلة القبر ودهشته ، ومنكر ونكير ونهرتهما ، وفي هول النداء عند نفخة الصور ، وهول المحشر ، وجمع الخلائق في صعيد واحد ، ليوم تشيب فيه الصغار ، ويسكر الكبار ، وتضع كل ذات حمل حملها ، ثم في مناقشة الحساب على ( الفتيل (1) ، والنقير (2) ، والقطمير (3) ، والذرة (4) ، والخردلة (5) ) ، وكتاب الله الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها .
- النقير : فسره ابن عباس بأن وضع طرف إبهامه على باطن سبابته ثم نقرها . « النهاية ـ نقر ـ 5: 104» .
- القطمير : النكتة البيضاء التي في ظهر النواة . « لسان العرب - قطمر- 5: 108» .
- الخردل : حَبُ شجر صغير جداً . انظر « القاموس المحيط - خردل - 3: 367» .
.: الخـردل :.
الخردل في القرآن:
1- ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ (الأنبياء/47).
2- ﴿يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ (لقمان/16).
ما هو الخردل؟
خردل (Mustard) هي بذور وزيت. مدرة للبول وهاضمة وتنشط التمثيل الغذائي بالجسم. الخرادل هي عدة أنواع نباتية (لها علاقة بالشلجم) تتبع الجنس Brassica. (1)
والخردل وهو نبات حولي عشبي يصل ارتفاعه إلى حوالي متر وهو غزير التفرع وخاصة الأغصان الموجودة في قمة النبات. أوراقه بسيطة متبادلة وهي مفصصة الأزهار صفراء اللون توجد على هيئة عناقيد. أما الثمار فهي اسطوانية وقرنية الشكل حيث توجد على هيئة قرون رفيعة ذات لون أصفر بني، تحتوي بذوراً كروية الشكل صغيرة الحجم. (2)
أنواع الخردل:
1 - البيضاء والمعروفة علمياً باسم Brasica alba يصل ارتفاع هذا النوع الى حوالي 90 سم وبذور هذا النوع أكبر من بذور النوع الأساسي المعروف علمياً باسم Brasica nigna والمعروف بالخردل الأسود.
2 - السوداء أو الخردل الأسود Brasica nigha وهذا أكبر حجماً من الخردل الأبيض ولون البذور في هذا النوع أسود وعليه سمي الخردل الأسود.
3- العينية والمعروفة علمياً بأسم Brasica jumcae وهي تشبه النوع الأسود إلا أن إزهارها صفراء باهتة ولون بذورها بني فاتح.
الجزء المستخدم من الخردل:
من الخردل يتم استخدام البذور وكذلك الأوراق.
المحتويات الكيميائية للخردل:
تحتوي بذور المستردة على جلوكوزيدات ثيوسيانية وتختلف هذه المادة باختلاف نوع الخردل فمثلاً الخردل الأبيض يحتوي على مركب السينالبين (Sinalbin) بينما الخردل الأسود يحتوي على المركب سنجرين (Sinigrin) في حين الزيت الثابت المستخلص من بذور النوع الأول غير سام بينما النوع الثاني يكون ساماً وذا طعم لاذع حريف ويعطي آلاماً حادة عندما يوضع على البشرة.
الخردل في الطب الحديث:
1- يستخدم الخردل أو ما يسمى بالمستردة على نطاق واسع فهو ينبه المعدة حيث يضاف مع الأطعمة كأحد التوابل المشهورة.
2- هو من أفضل المواد لفتح الشهية ومعزق ومنبه للقلب.
3- يدخل الخردل في عمل اللصقات الجلدية الوضعية لعلاج الروماتزم.
4- كما يستخدم في عمل صمامات للأقدام لإزالة الإرهاق الشديد وحالات الروماتيزم المفصلي.
5- لقد أكدت الدراسات أن الخردل مطهر أو معقم جيد حيث تكفي 40 نقطة من الخردل في لتر ماء ليكون مطهراً جيداً للجلد دون أن يؤذيه.
6- والخردل يثير اللعاب.
7- يسهل المضغ ويزيد من إفرازات العصارات الهاضمة وينشط حركات الأمعاء.
8- يفيد الخردل من الناحية الوقائية للشلل المخي وانفجار شرايين الدماغ وتصلب شرايين المخ وضغط الدم.
كيفية استعماله:
1- إن تناول حبتين فقط من بذور الخردل قبل الطعام تساعد في طرد غازات المعدة والأمعاء.
2- يؤخذ لضعف القلب والتهابات الرئة والنقرس حيث يؤخذ 200 ملجرام من مسحوق الخردل ويضاف إلى ماء الحمام قبل الاستحمام.
3- أما التهاب الفم واللوز والحنجرة فيؤخذ ثلاث ملاعق صغيرة من مسحوق بذور الخردل وتضاف إلى ملء كوبا من الماء المغلي ويستعمل على هيئة غرغرة.
4- أما الصداع وآلام قرحة المعدة وضعف الدورة الدموية واحتقانات الرئة فيستخدم الخردل على هيئة لبخات من مسحوق الخردل مع الماء الدافي، حيث يعجن المسحوق بالماء الدافىء يتم تفرد على قطعة قماش سميك ثم توضع فوق الجلد مباشرة لمدة ربع إلى نصف ساعة بحيث توضع في حالات الصداع فوق مؤخرة الرأس وآلام قرحة المعدة فوق أعلى البطن، واحتقان الرئة وعسر التنفس وضعف الدورة الدموية فوق الظهر، والتهابات الحنجرة فوق الرقبة.
الخردل في الطب القديم:
1- لقد استخدم الفراعنة: بذور الخردل حيث جاءت البرديات الطبية القديمة ضمن مشروع مسهل وأخر للذبحة الصدرية ودهاناً لأوجاع العضلات والمفاصل.
2- يقول ابن البيطار في الخردل: "يقطع البلغم وينقي الوجه ويحلل الأورام وينفع مع الجرب ويحل القوابي ووجع المفاصل وعرق النساء، ويستعمل في اكحال الغشاوة مع العيون ويزيل الطحال والعطش، وللخردل قوة تحلل وتسخن وتلطف وتجذب وتقلع البلغم إذا وضع وإذا دق وضرب بالماء وخلط بالشراب السملي أو نومالي وتغرغر وافق الأورام العارضة في جنبتي أصل اللسان والخشونة المزمنة العارضة في قصبة الرئة. وإذا دق وقرب من المنخرين جذب العطاس ونبه المصدوعين والنساء اللواتي يعرض لهن الاختناق من وجع الأرحام وإذا تضمد به نفع من النقرس وإبراء داء الثعلبة وإذا خلط بالتين ووضع على الجلد إلى أن يحمر وافق عرق النسا وورم الطحال، ينقي الوجه إذا خلط بالعسل أو الشحم أو بالموم المذاب بالزيت. قد يخلط بالخل ويلطخ به الجرب المقرح والقوابي الوحشة إذا خلط بالتين ووضع على الأذن نفع من ثقل السمع والدوي العارض لها إذا أكل بعسل نفع من السعال، وإذا بدخانه طرد الحيات طرداً شديداً يسكن وجع الضرس والأذن إذا قطر ماؤه فيها.
3- أما ابن سينا في قانونه فيقول: "يقطع البلغم وينقي الوجه وينفع من داء الثعلبة يحلل الأورام الحارة، ينفع من الجرب والقوابي، ينفع من وجع المفاصل وعرق النسا، ينقي رطوبات الرأس يشهي الباه وينفع من اختناق الهم".