.. آمل من شبابنا ألا يظن أحدهم أنه بمجرد التّديُّن السلبي قد شابه أهل بيعة الرضوان. إن الإسلام مسجدٌ وجامعة وثكنةٌ ومزرعة ومعملٌ ومصنع.. فلماذا نترك دنيانا كما فعلنا الآن بحجة التّديُّن؛ ليأتي بنو الأصفر وبنو الأشقر وبنو الأزرق فيخرجون ثرواتنا من تحت الأرض، ويملؤون سماءنا بالمركبات الفضائية وبحارنا بناقلات الطائرات، ويجلسون على سطح القمر، ويشربون الشاي على المريخ، ونحن نحيي الليل في رقصات شعبية بعد وجبات دسمة أورثت لنا التخمة والسمنة، نحمل الهراوى بأيدينا، ونتوعد إسرائيل بيوم أسود والعالم ينظر إلينا ويردد (أبشر بطول سلامة يا مربعُ). إن الوهم لا يصنع مجداً، ولا يعيد حقاً، ولا يدفع باطلاً، وإن الأماني المعسولة والأحلام الوردية لا تطعمنا خبزاً، ولا تصنع لنا دواءً، ولا تبني لنا مدرسة، وحده الإيمان والجد والعمل والأمل والعَرَق الزاكي من الجبين الأبيّ والكدح في الأرض يخرجنا من التبعية والتقليد والسلبية والانهزام والاسترخاء إلى الريادة والتّفرُّد والتميز، كما فعل أسلافنا في القرون الإسلامية الأولى، يوم صنعنا أعظم حضارة عرفها العالم، وأسسنا دولة العدل والسلام والإيمان، طرفها الشرقي في السند، وطرفها الغربي في قرطبة بالأندلس (وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
د. عائض القرني
مقال( يا شبابنا بالإيمان والعمل تصنعون حياتكم الجميلة)
صحيفة سبق الإلكترونية