أختي الحبيبة
ما أروع إن يعيش العبد طائعاً لمولاه، يجيب داعي الله كلما ناداه، كثير الانطراح بين يدي الله
حقاً ما ألذها من حياة، كلها تعبد وافتقار، كلها توحيد للواحد للقهار، كلها تعظيم للملك الجبار
نعم حياة جميلة شعارها هو قول الله جل في علاه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}
(سورة الذاريات :56)
فلا يترك العبد أمراً من أوامر الله إلا امتثل به, ولا نهياً مما نهى عنه إلا اجتنبه، فهم دائم الاستجابة لنداء لله سبحانه؛ لأنه يعلم علم اليقين أن حياته لا تصلح إلا بطاعة الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (سورة النحل:97)
تلك ِالسعادة الحقيقة التي يهنأ بها صاحبها لإنها التي حفت بالاستجابة لله، والانقياد له:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}
(سورة الأنفال:24).
ومن النداءات التي أمر الله عز وجل أن ينادى بها أولياؤه النداء العظيم الذي فيه تتجلى صور التوحيد لرب العبيد
وتبرز معاني الانقياد لإله العباد، وترى معالم الذل والانكسار بين يدي الواحد القهار.
إنه نداء الحج
نعم
نداء الحج
تأملي معي قوله تعالى
{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}
(سورة الحـج:27-28).
هذا النداء من يسمعه؟
نداء يسمعه أهل الإيمان فتطير قلوبهم، نداء تهفو إليه أرواح الصالحين، نداء لا يعذر أحد بترك الاستجابة
إلا من عذره الله من فوق سبع سماوات، نداء يمضي إلى إجابته من أراد الآخرة، وسعى لها سعيها، وبذل ما يستطيع لأجلها
فالقلب، واللسان، النفس، والجوارح وكل ذرات البدن تعترف بربها وتقر بعبوديته، وتعترف بقوته، وتخضع لجبروته بحداء:
لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك .. لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك لبيك، والرغباء إليك والعمل .. لبيك إله الحق لبيك ..
ولا يلبي المسلم بمفرده، بل يشارك معه الحجر والشجر: {وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ} (سورة الإسراء:44)
فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: ((ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر، أو شجر، أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا))
رواه ابن ماجه (2912)، صححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2/ 155).
إلهنا ما أَعدلكْ *** مليك كلِّ من ملكْ ..
لبيَّك قد لبيتُ لك *** لبيّك إنَّ الحمدَ لك
والملكَ لا شريك لك *** والليلَ لما أن حلكَ ..
والسابحاتِ في الفلك *** على مجاري المُنْسَلَك
ما خاب عَبدٌ أمَّلك *** أنت له حيث سلك ..
لولاك يا ربِّ هلك *** كلُّ نبيّ وملَك
وكلُّ من أهلّ لك *** سبّح أو لبَّى فلَك ..
والحمد والنعمة لك *** والعزَّ لا شريك لك
تأملي معي أختي الغالية
في التلبية كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) حروفاً ومعنى
ففي التلبية توحيد الألوهية (لا شريك لك) فلا شريك له في كل العبادات،
وفي التلبية توحيد الربوبية (لك والملك)
وتوحيد الأسماء والصفات (إن الحمد والنعمة) فالحمد وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم،
والنعمة: أي الإنعام، فالنعمة للَّه، وهى من صفات الأفعال.
التلبية بالتوحيد سعياً إلي المحبوب، وبذل المستطاع للقائه، واستجابة لندائه،
يقول السعدي رحمه الله:
"ولهذا قال جابر رضي الله عنه: فأهل بالتوحيد؛ لأن قول الملبي: (لبيك اللهم لبيك) التزام لعبودية ربه، وتكرير لهذا الالتزام بطمأنينة نفس، وانشراح صدر، ثم إثبات جميع المحامد وأنواع الثناء، والملك العظيم لله تعالى، ونفي الشريك عنه في ألوهيته وربوبيته وحمده وملكه هذا حقيقة التوحيد، وهو حقيقة المحبة؛ لأنه استزارة المحب لأحبابه، وإيفادهم إليه ليحظوا بالوصول إلى بيته، ويتمتعوا بالتنوع في عبوديته والذل له والانكسار بين يديه، وسؤالهم جميع مطالبهم وحاجاتهم الدينية والدنيوية في تلك المشاعر العظام والمواقف الكرام؛ ليجزل لهم من قِراه وكرمه مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وليحط عنهم خطاياهم ويرجعهم كما ولدتهم أمهاتهم، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، ولتحقق محبتهم لربهم بإنفاق نفائس أموالهم، وبذل مهجهم بالوصول إلى بلد لم يكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس"
إرشاد أولى البصائر والألباب لنيل الفقه بأيسر الطرق والأسباب للعلامة السعدي (1/81-82).
(لبيك اللهم لبيك)
اعتراف من المخلوق للخالق بأنه مقيم على طاعته وعبادته، وتكريم من الله عز وجل لعباده الحجاج والمعتمرين
حيث أنه سبحانه هو الذي دعاهم لبيته العتيق.
(لبيك اللهم لبيك)
يرفع بها الرجال الأصوات؛ لتشترك في ترديدها جميع جوارح الجسم وكل ما فيه من ذرات.
(لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)
تأمل فيها ابن القيم رحمه الله
فقال إنها تتضمن أموراً كثيرة، نذكر منها:
"المحبة، ولا يقال لبيك إلا لمن تحبه وتعظمه، وتتضمن التزام دوام العبودية، وتتضمن الخضوع والذل, أي خضوعاً بعد خضوع, من قولهم: أنا ملب بين يديك, أي خاضع ذليل، وتتضمن الإخلاص، وتتضمن التقرب من الله، ومتضمنة لمفتاح الجنة وباب الإسلام الذي يدخل منه إليه, وهو كلمة الإخلاص والشهادة لله بأنه لا شريك له، ومشتملة على الحمد لله الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله, وأول من يدعى إلى الجنة أهله, وهو فاتحة الصلاة وخاتمتها، مشتملة على الاعتراف لله بالنعمة كلها، أي النعم كلها لك, وأنت موليها والمنعم بها، ومشتملة على الاعتراف بأن الملك كله لله وحده , فلا ملك على الحقيقة لغيره، ومتضمنة للرد على كل مبطل في صفات الله وتوحيده ...إلخ"
بتصرف من حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (5/ 178-180).
اللهم وفقنا لإجابة نداءك، والوقوف يوم تباهي بأوليائك، واعتقنا اللهم من نارك ..
اللهم آمين.
شرع الله الحج لأمور عظيمة، ومن أجل هذه الأمور هو ما نسمعه من تكبير وتلبية، وماهي إلا تعظيم لله عز وجل في تلك المشاعر المقدسة
التي لا يدعى فيها إلا الله، ولا ينادى فيها إلا الله، ولا يرجى إلا الله
سبحان الله
في هذه الإيام تعود الإنفس إلي بارئها،وتلهج الألسنة بذكر خالقها ومبدئها
فيبين ذلك الله جل في علاه في كتابه، وجعل ذكره وشكره من أبرز أعمال الحاج
يقول سبحانه: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (سورة الحـج:27-28)
أختي الحبيبة
عيشى معي حال الحاج عند ذكر الله تعالى
نعم يعيشه الحاج في مواطن الحج المختلفة
إن الحاج حين يردِّدُ تلك الكلمات
"لبيك اللهمّ لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"
وهو عالم بما دلّت عليه من الإخلاص والتوحيد ووجوب إفرادِ الله وحده بالعبادةِ والبعدِ عن اتخاذِ الشركاء مع الله ، مستشعرٌ لذلك مستحضرٌ له ، مقرٌّ بأنَّ ربَّه سبحانه المتفردَ بالنِّعمة والعطاء والهبة والنَّعماء لا شريك له هو المتفرِّد بالتوحيد لا ندَّ له ؛ ولذا فإنَّ الملبي بهذه الكلمات حقّاً وصدقاً لا يدعو إلا الله، ولا يستغيث إلا بالله، ولا يتوكّل إلا على الله، ولا يذبح ولا ينذر إلا لله ولا يصرف شيئًا من العبادة إلا لله .
الحاج
يبدأ إحرامه بالذكر
ويطوف ذاكراً
ويسعى ذاكراً
ويقف في عرفة ذاكراً
ويرمي ذاكراً
وهذا أصل عظيم وأساس متين يجب أن تبنى عليه كلُّ طاعة يتقرب بها العبدُ إلى الله عزّ وجل ، الحجُّ وغيره
ولذا قال الله تعالى في سورة الحج
{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ، ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ، ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ، حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}
[ الحج 27، 31 ].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((إنما جعل الطواف بالكعبة، وبين الصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل))
رواه أحمد (23328)، قال شعيب الأناؤوط: إسناده حسن، المسند (6/ 75).
إن التلبية والتكبير في الحج شأن آخر
لما؟
لإنهما المصاحب للحاج في حجه، وينال الحاج بهما فضلاً كبيراً، وأولَ أعمال الحج تبدأُ بإعلان التوحيد الذي يشملُه الإهلالُ بالتلبية
لإن أجل الإعمال تحقيق التوحيد لله وحده، والكفر بالطاغوت لذلكِ شُرع للحاج أن يستهل حجه بالتلبية.
قال جابر بن عبد الله في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم :
" ثم أهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك "
رواه مسلم
أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما:
(أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).
جاء في التكبير عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أهل مهل قط إلا بُشر، ولا كبر مكبر قط إلا بشر))
قيل: يا رسول الله بالجنة؟ قال: ((نعم))
المعجم الأوسط (7/379)، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/11).
وفي التلبية عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر، أو شجر، أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا وهاهنا))
رواه ابن ماجه (2912)، صححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2/ 155).
قال المطلب بن عبد الله :
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أصواتهم بالتلبية حتى تبح أصواتهم.
وقال أيوب:
رأيت سعيد بن جبير يوقظ ناساً من أهل اليمن في المسجد ويقول : قوموا لبوا ، فإن زينة الحج التلبية.
لفظ التلبية
ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبياً يقول:
((لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)) لا يزيد على هؤلاء الكلمات"
وزاد مسلم:
"وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم
من هؤلاء الكلمات، ويقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك وسعديك، والخير في يديك لبيك، والرغباء إليك والعمل"
رواه البخاري (5460)، ومسلم (2031).
وعند ابن ماجه: عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في تلبيته: ((لبيك إله الحق لبيك)).
رواه ابن ماجه (2911)، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2/155).
ولفظ ابن عمر رضي الله عنهما كما في الصحيحين عند ذكر صيغة التلبية قال: "يهل"
ومعناه كما قال الإمام النووي رحمه الله:
"قال العلماء: الإهلال رفع الصوت بالتلبية عند الدخول في الإحرام، وأصل الإهلال في اللغة رفع الصوت، ومنه استهل المولود،
أي صاح
ومنه قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ} (سورة البقرة:173)
أي رفع الصوت عند ذبحه بغير ذكر الله تعالى، وسمي الهلال هلالاً لرفعهم الصوت عند رؤيته"
شرح النووي على مسلم (8/89).
فمن هذا نعلم استحباب رفع الصوت بالتلبية
وهذا معنى الحديث الذي رواه ابن ماجه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الأعمال أفضل؟
قال: ((العج والثج))
رواه ابن ماجه (2915)، صححه الألباني في صحيح ابن ماجه (2/ 156).
و"العج بالعين المهملة رفع الصوت بالتلبية"
عمدة القاري (9/171).
وهذا خاص بالرجال، وأما النساء فلا يرفعن أصواتهن بالتلبية خشية الفتنة
قال ابن عبد البر رحمه الله:
"وأجمع أهل العلم أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها، وإنما عليها أن تسمع نفسها، فخرجت من جملة ظاهر الحديث، وخصت بذلك،
وبقي الحديث في الرجال".
الاستذكار (4/57).
قال الحافظ شمس الدين بن القيم رحمه الله في «تهذيب السنن» (5/175-182):
في معنى التلبية ثمانية أقوال:
أحدهما: إجابة لك بعد إجابة، ولهذا المعنى كرّرت التلبية إيذانًا بتكرير الإجابة.
الثاني: أنّه انقياد، من قولهم: لببت الرجل إذا قبضت على تلابيبه، ومنه لببته بردائه.
والمعنى: انقدت لك وسعت نفسي لك خاضعة ذليلة، كما يفعل بمن لبب بردائه وقبض على تلابيبه.
الثالث: أنّه من لبّ بالمكان إذا قام به ولزمه.
والمعنى: أنا مقيم على طاعتك ملازم لها.
اختاره صاحب «الصحاح»
الرابع: أنّه من قولهم: داري تلبّ دارك، أي تواجهها وتقابلها.
أي مواجهتك بما تحبّ متوجه إليك.
حكاه في «الصحاح» عن الخليل.
الخامس: معناه: حبًّا لك بعد حبّ، من قولهم: امرأة لبّة إذا كانت محبّة لولدها.
السادس: أنّه مأخوذ من لُبّ الشيء، وهو خالصه، ومنه لبّ الطعام، ولبّ الرجل عقله وقلبه.
ومعناه: أخلصت لبّي وقلبي لك، وجعلت لك لبّي وخالصتي.
السابع: أنّه من قولهم: فلان رخي اللبب، وفي لبّ رخي.
أي في حال واسعة منشرح الصدر.
ومعناه: أنّ منشرح الصدر متّسع القلب لقبول دعوتك وإجابتها متوجّه إليك بلبب رخي يوجد المحب إلى محبوبه لا بكره ولا تكلّف.
الثامن: أنّه من الإلباب، وهو الاقتراب.
أي اقترابا إليك بعد اقتراب، كما يتقرّب المحبّ من محبوبه،
و«سعديك» من المساعدة وهي المطاوعة، ومعناه: مساعدة في طاعتك وما تحبّ بعد مساعدة.
قال الحربي: ولم يسمع سعديك مفردا.
و«الرغباء إليك» يقال: بفتح الراء مع المد وبضمها مع القصر، ومعناها: الطلب والمسألة والرغبة .اهــ
وقال أنس في وصفه لإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لبيك عمرة لا رياء فيها ولا سمعة"
ففي هذا تربية للنفس على توحيد الله والإخلاص له.
فإن الحاج يبدأ حجه بالتوحيد، ولا يزال يلبي بالتوحيد ، وينتقل من عمل إلي عمل بالتوحيد .
التلبية شعار التوحيد ملة إبراهيم، الذي هو روح الحج ومقصده, بل روح العبادات كلها والمقصود منها
ولهذا كانت التلبية مفتاح هذه العبادة التي يدخل فيها بها .
أختي الحبيبة
هل تعرفين على ماذا تشمل التلبية؟
تشتمل التلبية على :
حمداً لله الذي هو من أحب ما يتقرب به العبد إلى الله .
وعلى الاعتراف لله بالنعم كلها ، ولهذا عرفها باللام المفيدة للاستغراق ، أي النعم كلها لك ، وأنت موليها والمنعم بها .
وعلى الاعتراف بأن الملك كله لله وحده ، فلا ملك على الحقيقية لغيره
أختي الكريمة
إن الحاج يشعر وهو يلبي بترابطه مع الخلق حيث تتجاوب معه في ماذا يتجاوب؟ في عبودية الله وتوحيده
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه وعن شماله من حجر أو سخر أو صدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا "
يعني عن يمينه وشماله .
رواه الترمذي ( 828 ) وابن خزيمة والبيهقي بسند صحيح
مامعنى قول الحجاج .. لبيك اللهم لبيك ؟
يالله ما أجمله من نداء يغدي القلب
ويشعره بالروحانية
إن معني لبيك اللهم لبيك
هو نداء يعمر القلب ويلزم الفرد بالعبادة والإنقياد والتعظيم والإخلاص والإقتراب من الله
وهو شعار التوحيد
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم
( ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه وعن شماله من حجر أو سخر أو صدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا )
يعني عن يمينه وشماله
التلبية
هي الواجب الثالث من واجبات الإحرام
التلبية : وهى قول ( لبيك اللهم لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك ) .
ومعناها
أننا مجيبون دعوتك ، مستسلمون لحكمك ، مطيعون لأمرك ، والتلبية شعار الحج ، وأفضل الحج كما جاء فى الحديث العج والثج
ولذا يستحب رفع الصوت بها للرجل بحيث لا يجهد نفسه ، والمرأة ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقتها فقط .
التلبية هى شعار الحج