أختاه عودي

أختي الحبيبة
بالله عليك، أسألك وليس لي دافع إلا حبي لك وخوفي عليكِ
و علمي أن في قلبكِ الخير الكثير
هل نظرت إلى الدنيا و حالها و فعلها بمن أحبها
هل أخذ معه ما أحبه معه إلى قبره؟
لاو الله، لم يأخذ معه إلا عمله الصالح أو عمله السئء
هل وقفت مع نفسك يوما وقفة محاسبة؟
هل سألت نفسك يوما ما مصيرك غداً ؟
هل في حفرة من حفر النار أم روضة من رياض الجنة ؟
أختاه، سؤال أجيبيني عليه بكل صدق وأمانة
أما فكرت يوما بالموت و سكراته ؟
بالقبر و ظلمته ؟
بمنكر ونكير ما تقولين لهم؟
بيوم في الحساب؟
يوم الوقوف بين يدي خالقك وخالق هذا الكون ؟
تعرفين كل هذا ومع ذلك تنكرين
عجيب أمرك أختاه
تصرين على المعاصي
و لا تخشعين ولا تتوبين
و تعرفين ما أمرك الله به و لا تطيعين
أختاه، أما وقفت مع نفسك يوما
تسترجعين ما مر بكِ فيه
هل بقي من لذاته شيء ؟
هل بقي من آلامه شيء ؟
لا، والله لم يبقى منه شيء
إلا حسناتك أو سيئاتك
و هكذا كل أيام عمرك
يذهب كل ما بها من لذات و آلام
يذهب كل ما بها من نعيم أو شقاء
ولا يبقى إلا حسناتك و سيئاتك
أعمالك الصالحة و أعمالك السيئة
فانظري أختاه في يومك الذي هو عمرك
لا تبيعي النعيم الذي لا ينفذ بمعصية قد تنعمين بها قليلا ولكن بعدها تشقين للأبد
تلك تجارة خاسرة أختاه
فيا حسرة عليكِ
إن كنتِ مضيعة للصلوات مفرطة في الواجبات
إن كنت مغتابة نمامة
إن كنت من أهل العقوق
إن كنت من الكاسيات العاريات
إن كنت..... وإن كنت.....
أختاه، لا تجعلي الله أهون الناظرين إليك
فكم يراقب الإنسان الآخرين، وينسى مراقبة رب العالمين، وكم يراقب العبدُ العبيد وينسى الإله المعبود، فيخجل هذا، ويكف ذاك،
ويندم هذا، ويبكي ذاك،
هذا كله عندما يعلم ويحس بأنه مراقب من قبل مخلوق مثله،
فكيف إذا علم وتيقن بأن العليم الخبير سبحانه وتعالى مطلع عليه ويراه،
ويسمعه، ويراقبه، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
أيليق بك بعد هذا وتقبلين أن يراك مولاك حيث نهاك؟
أو يفقدك حيث أمرك؟
وإذا خلوت بريبة في ظلمـــــــــة *** والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها *** إن الذي خلق الظلام يرانــي
نعم أختي الحبيبة....انتبهي لنفسك ولا تجعلي الله أهون الناظرين إليك،
وهو سبحانه عالم السر والنجوى،
ويعلم عنك ما لا تعلمين عن نفسك،
فقد قال تعالى:" أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ "(البقرة:77)،
وقال:" أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى } (العلق:14)،
وقال:" وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً " (الأحزاب:52)،
وقال:" يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ "(غافر:19)
وكوني كما علمك النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الإحسان ؟ فقال: ( أن تعبد الله كأنك تراه . فإن لم تكن تراه فإنه يراك )
ما زالت الفرصة أمامك أختاه
تخيلي لو كنت في قبرك ورأيت ما به من أهوال
والله ستتمنين أن ترجعي إلى الدنيا ساعة واحدة لعمل الصالحات
ولكن هيهات هيهات فقد فات الأوان
أختاه، الدنيا أهون و أقل من أن تفني عمرك في طلبها
ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء
فلا تغرنك الحياة الدنيا وزينتها فإنها مليئة بالفتن والمغريات
ولا يغرنك طول عمرك
فمهما طال بك فلا مفر من الموت
فاختاري لنفسكِ أي الطريقين تسلكين ؟
أختاه، هيا جددي توبتك
أقبلي على الله عز و جل بصدق النية
و قولي عجلت إليك ربي لترضى
و لا تهني و لا تحزني مهما اقترفت من ذنب
ولا تقولي يا ربي لي ذنوب كبيرة
بل قولي يا ذنوبي لي رب كبير
أختاه، أفيقي من غفلتك و تأملي و اعتبري بمن رحل و تزيني بلباس التقوى
قال تعالى " قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم "